السمك واللبن هل حقاً لا يجب اكلهما معاً ؟

وردتنا مؤخراً أسئلة كثيرة حول الرابط بين تناول لحوم الأسماك و منتجات الحليب معاً من جهة و الإصابة بالحساسية أو حتى الوفاة من جهة أخرى ،فهل تناول هذه الأطعمة معاً يشكل خطراً حقيقياً على صحة الإنسان ؟ ازداد في الأعوام الأخيرة عدد الأشخاص الذين يتناولون الأسماك و ثمار البحر عموماً كبدائل عن اللحوم الأخرى و ذلك لاحتوائها نسباً أقل من الدهون المشبعة فضلاً عن احتوائها الأوميغا 3 (من الحموض الدسمة غير المشبعة المفيدة) ، و تزايدت بذلك نسبة الأشخاص ذوي الحساسية تجاه لحوم الأسماك لتصبح واحدٌ بين كل مئتي شخص (1/200) يتناولون هذه اللحوم في المملكة المتحدة، بينما تبلغ نسبة المصابين بالحساسية تجاه ثمار البحر حوالي 1% من مجمل مستهلكيها ،والتي غالباً ما تحدث عند البالغين، بينما تحدث الحساسية تجاه الحليب و مشتقاته عادةً عند الأطفال والتي تعتبر من أكثر أنماط الحساسية حدوثاً لدى الاطفال. لقد عرّف الباحثون المأكولات البحرية بأنها الأسماك ذات الزعانف (كأسماك التونا والقد والسلمون) بالإضافة إلى المحار (كالقريدس والسلطعون والحبار وجراد البحر). تحتوي هذه المأكولات بروتينات معينة ( مثل Parvalbumin ) قد تسبب تفاعلات تحسسية تؤدي إلى حدوث صدمة تأقية ( هي تفاعل شديد يحدث فجأة وقد يؤدي إلى الوفاة، أكثر أعراضه شيوعاً هي البثور الجلدية وتضيق الحلق وتورمه وبالتالي صعوبة التنفس، كما قد يُحرّض نوبة ربو ،و هي حالة تستوجب إجراءات إسعافية عاجلة تتطلب المعالجة بالأدرينالين). أما الحساسية تجاه مشتقات الحليب فهي نادراً ما تسبب صدمة تأقية. ولكن يمكن أن يتلوث الحليب بكميات زهيدة من المكسرات مثلاً خلال مراحل التصنيع المختلفة وهذا ما قد يؤدي إلى صدمة تأقية كتلك التي تحدث بسبب الحساسية تجاه البروتينات الموجودة بالمكسرات. يتفق أخصائيو التغذية في فريق الباحثين السوريين أن لا مشكلة تتعلق بالحساسية في تناول السمك مع اللبن ،حيث أنّ إصابة شخص ما بالحساسية تجاه بروتين معين في إحداهما أمر وارد و شائع الحدوث، و لكن العلاقة بين تناول السمك و اللبن معاً و حدوث الوفاة لم يتم إثباتها من قبل ،و إن حدثت فالأرجح أن يكون سببها إما الحساسية تجاه السمك أو الحساسية تجاه مشتقات الحليب أو تسمم غذائي ناتج عن فساد هذه الأطعمة (و بهذه الحالة تختلف الأعراض تماماً). وجهة نظر أخرى حول هذا الموضوع تقول أن تناول السمك و اللبن معاً لا يؤدي إلى تسمم غذائي إنما مجرد اضطرابات هضمية، لأن الأطعمة عالية البروتين تتطلب وسطاً هضمياً عالي الحموضة، بينما تحتاج الأطعمة الغنية بالدسم و السكريات وسطاً أقل حموضة و بالتالي يؤدي وجودهما معاً في القناة الهضمية إلى مختلف أنواع الاضطرابات الهضمية كعسر الهضم و المغص و تطبل البطن و النفخة.